الثلاثاء، 11 نوفمبر 2014

القصة ( 123 ) - قصة الجن وشوارع بغداد


بين سنة1917 وسنة 1929 اثنتا عشرة سنة. وفي هذه السنوات الاثنتي عشرة حصلت في بغداد احداث مهمة، لعل من ابرزها انتقال العراق من التبعية العثمانية الى التبعية البريطانية. فلقد انقضى عصر اخذ من عمر العراق اربعة قرون، وبدأ عصر جديد اصبحت فيه بغداد تدار من قبل الجيش البريطاني، وكان على هذا الجيش ان يؤلف حكومة لبغداد وان يدير المدينة بما ينبغي ان يجعل اهلها يحبون العيش فيها لا ان يهجروها. لكن الحدث الاهم هو دخول الكهرباء الى بغداد عام 1917 
وتخيل حين تدخل الكهرباء الى بلد كان يعيش الحياة اليدوية، اي كل شيء كان يدار باليد وكانت ايدي الناس تتلمس الطريق بصعوبة وسط ظلام الحياة.. ظلام يخيم على العقول والنفوس حتى حين كانت الشمس تشرق على هذه المدينة التي تضع اقدامها في وحل الفيضان والاوبئة كل ثمانية اشهر من كل عام.

ففي تشرين الاول من عام 1917 انتهت عمليات غرس اعمدة الكهرباء الضخمة في وسط بغداد. وربطت الاسلاك الناقلة للتيار الكهربائي عليها. وفي اول ليلة من شهر تشرين الثاني عام 1917 تألقت الانوار في الجادة الجديدة (شارع الرشيد).وخرج اهل بغداد عن بكرة ابيهم الى الشارع وراحوا يتحلقون حول اعمدة النور، ونظراتهم تتطلع الى اعلى حيث تلك المصابيح التي تشتعل بدون كاز او نفط او شخاط. كأنها عيون الجن. وراح بعضهم يصرخ بين المتجمعين بان هذه الاضوية تشتعل بسحر الشيطان. وان الانكليز الكفرة جاءوا بالشيطان معهم بعد ان اخرجوا العراق من رحمة الخلافة الإسلامية على حد تعبيرهم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

القصة ( ٢١٧ ) - جز صوف الكباش خير من سلخ جلود الحملان

إن جزَّ صوف الكباش.. خير من سلخ جلود الحملان . باعتبار الدولة في ضيق مالي . - قصة رواها الرحالة الفرنسي ڤولني عن والي دمشق أسعد باشا ا...